تعريف النفاذ الرقمي
يشير النفاذ الرقمي الرقمي إلى المبادئ والأساليب والوسائل التي تضمن قدرة الأشخاص ذوي الإعاقة على استخدام المواقع الإلكترونية والتطبيقات والخدمات الرقمية بسهولة ويسر. ويتضمن ذلك توفير بدائل بصرية وسمعية للمحتوى، وتطوير تصميم تفاعلي يدعم أدوات التكنولوجيا المساعد مثل قارئات الشاشة وأجهزة التتبع البصري أو الحركي.
ينبغي أن نضع في الحسبان التنوُّع الواسع في قدرات المستخدمين واحتياجاتهم، ومن أمثلة ذلك:
الصعوبة البصرية: وتشمل العمى وضعف البصر وعمى الألوان.
الصعوبة السمعية: وتشمل الأشخاص الصم.
الصعوبة الحركية: قد يُعاني بعض الأشخاص من ضعف في الأطراف أو شلل، مما يجعل استخدام الفأرة أو لوحة المفاتيح صعبًا.
الصعوبة المعرفية: مثل عسر القراءة أو اضطرابات التركيز.
اضطرابات النمو العصبي: كاضطراب طيف التوحّد حيث تختلف التفضيلات الحسيّة وطرق استقبال المعلومات.
عند فهم هذه الاحتياجات المتنوعة، يمكننا تطوير وتصميم منتجات رقمية شاملة تخدم جميع الشرائح المجتمعية بدون استثناء.
المسؤولية الأخلاقية والمجتمعية
إنّ تمكين الأشخاص ذوي الإعاقة من الوصول إلى عالم الخدمات الرقمية يعزّز مبدأ تكافؤ الفرص والعدالة الاجتماعية. فالمجتمعات التي تُولي اهتمامًا لحقوق ذوي الإعاقة غالبًا ما تتمتع بتماسكٍ أقوى، وتوفّر بيئة تشاركية يتفاعل فيها الجميع بإيجابية.
الأمور القانونية والتشريعات
تسعى العديد من التشريعات حول العالم إلى إلزام المؤسسات بتوفير النفاذ الرقمي، مثل:
قانون الأمريكيين للأشخاص الصم وذوي الإعاقة (ADA) في الولايات المتحدة.
التوجيه الأوروبي لسهولة الوصول (European Accessibility Act) في دول الاتحاد الأوروبي.
قانون سهولة الوصول الكندي (Accessible Canada Act) في كندا.
قانون المساواة البريطاني (Equality Act 2010) في المملكة المتحدة.
قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة (2023) في المملكة العربية السعودية يضمن الشمول الرقمي، والرعاية الصحية، وحقوق التوظيف، والدعم الاجتماعي.
عقوبات السعودية لمكافحة التمييز، الإهمال، أو إساءة معاملة الأشخاص ذوي الإعاقة.
القانون الاتحادي رقم 29 لسنة 2006 (المعدل بالقانون رقم 14 لسنة 2009) في الإمارات يضمن حقوقًا متساوية في التعليم، والتوظيف، والرعاية الصحية، والنفاذ الرقمي.
السياسة الوطنية لتمكين أصحاب الهمم (2017) في الإمارات تعزز الإدماج الاجتماعي.
قانون دبي رقم 3 لسنة 2022 يعزز النفاذ الرقمي ويكافح التمييز ضد الأشخاص ذوي الإعاقة.
عدم الامتثال لهذه التشريعات قد يؤدي إلى دعاوى قضائية وغرامات مالية وتشويه السمعة. ويمثل اتباع معايير مثل إرشادات المحتوى الإلكتروني (WCAG) وسيلة أساسية لتحقيق التوافق مع القوانين.
توسيع قاعدة المستخدمين وتعزيز ولاء العملاء
يمثل الأشخاص ذوو الإعاقة شريحة هائلة من المستهلكين على مستوى العالم حيث تقدّر بأكثر من 1.3 مليار نسمة. ومن خلال توفير خدمات ومواقع إلكترونية مناسبة لهم، يمكن للشركات والمؤسسات كسب تلك الشريحة وتعزيز حضورها السوقي. كما أنّ المستخدمين يُظهرون ولاءً أكبر للعلامات التجارية التي تقدّم تجارب استخدام سهلة وعادلة للجميع.
فوائد متعدّدة للجميع
لا تقتصر الاستفادة على الأشخاص ذوي الإعاقة فقط؛ فمثلاً، تفيد التسميات النصيّة (Alt Text) المستخدمين في حال عدم تحميل الصور أو بطء الاتصال بالإنترنت لفهم محتوى الصورة. كذلك تساعد الترجمة النصيّة فهم الأصوات في الأماكن المزعجة أو لمن يفضّل القراءة بدلًا من الاستماع.
قابلية الإدراك
يجب أن تكون المعلومات التي تقدّمها المنصة الرقمية قابلة للإدراك بمختلف الوسائل الحسية:
بدائل نصيّة للصور: وضع وصف دقيق للصور يساعد مستخدمي قارئات الشاشة على فهم محتواها.
ترجمة صوتية أو نصيّة للفيديو: إضافة تسميات أو تسميات للفيديوهات تمنح الأشخاص الصم فرصة لاستيعاب المحتوى.
ألوان عالية التباين: استخدام تباين لوني كافٍ يساعد المصابين بضعف البصر أو عمى الألوان في تمييز المحتوى.
قابلية التشغيل
يتعلق الأمر بالطرق التي يتفاعل بها المستخدم مع الموقع أو التطبيق، وتشمل:
لوحة المفاتيح فقط: ضمان إمكانية التنقل بين العناصر دون الحاجة إلى الفأرة، واستخدام تبويبات واضحة وانتقال سلس.
تجنب إعاقة المستخدم: تجنب تصميمات تؤدي إلى “حصر” المستخدم في نافذة أو عنصر مما يجعل الخروج صعبًا بدون استخدام الفأرة.
ضبط الوقت: منح المستخدم الوقت الكافي لإكمال العمليات (مثل ملء النماذج) قبل انتهاء الوقت تلقائيًا.
قابلية الفهم
ينبغي أن يكون المحتوى والواجهة واضحين ومنسقين:
لغة مبسّطة: استخدام عبارات قصيرة وواضحة، والابتعاد عن المصطلحات المُعقّدة.
تصميم موحّد: الحفاظ على نفس الأنماط البصرية وأسلوب التنقل في كافة صفحات الموقع.
مؤشرات الأخطاء: إذا أدخل المستخدم معلومة خاطئة في النموذج، يجب عرض رسالة واضحة توضّح الخطأ وكيفية تصحيحه.
القوة والمرونة
يجب تصميم المحتوى بحيث يكون قابلًا للتوافق مع مختلف المتصفحات والأجهزة وأدوات التكنولوجية المساعدة.
المشاكل البصرية
إعتماد المحتوى على الصور: المواقع التي تحتوي على نصوص مهمّة مضمّنة داخل الصور تحرم مستخدمي قارئات الشاشة من قراءتها.
ضعف التباين اللوني: نصوص بخط صغير وألوان متشابهة تؤثر سلبًا على المستخدمين المصابين بضعف بصر أو عمى ألوان.
الحل:
إضافة نصوص بديلة لكل الصور.
اعتماد ألوان متباينة ونص قابل للتكبير.
الإعاقات السمعية:
وجود نصوص بدون ترجمة للغة الإشارة: أكثر من 80% من الصم الذين يتواصلون بلغة الإشارة لا يفهمون النصوص المكتوبة، حيث أن لغة الإشارة لغة تختلف بالتركيب و القواعد و حتى عدد الكلمات عن اللغة المكتوبة بالرغم من وجود حروف الهجاء فيها.
الحل:
لتوفير تجربة رقمية شاملة لمستخدمي لغة الإشارة الصم، من المهم توفير خيار توفير المحتوى المكتوب بلغة الإشارة ويندرج ذلك تحت بند 3.1 من المعايير العالمية WCAG و هي جعل النصوص مفهومة ومقروءة وفيها من الطرق الموصى بها إضافة لغة الإشارة لكامل المحتوى المكتوب، و يعتبر ذلك من تبسيط النصوص للأشخاص بمستويات مختلفة من القراءة.
المشاكل الحركية
الاعتماد على الفأرة: الأشخاص الذين لا يستطيعون التحكم في الفأرة بحاجة إلى بديل مثل لوحة المفاتيح أو أزرار كبيرة قابلة للنقر.
إيماءات معقدة (خاصةً في تطبيقات الموبايل) قد تكون صعبة على ذوي الإعاقات الحركية.
الحل:
ضمان قابلية الاستخدام عبر لوحة المفاتيح بالكامل.
تصميم واجهات مبسّطة تتجنب السحب والإفلات المعقد دون بدائل أخرى.
الذكاء الاصطناعي (AI)
تقدم تقنيات الذكاء الاصطناعي خدمات مهمة مثل:
الترجمة والتفريغ اللحظي لمحتوى الفيديو والصوت لإنتاج تسميات توضيحية.
التعرّف على الأشياء في الصور، مما يسمح لقارئات الشاشة بوصف محتوى الصورة بشكل أكثر دقة.
المساعدات الصوتية والأجهزة الذكية
أصبحت المساعدات الذكية مثل أمازون إيكو وغيرها شائعة الاستخدام مما يسهل على الأشخاص ذوي الإعاقات الحركية أو البصرية التحكم في الخدمات بالأوامر الصوتية.
الواقع المعزز (AR) والواقع الافتراضي (VR)
يمكن للواقع المعزز توفير تراكبات نصيّة أو لغة إشارة في البيئة الحقيقية بينما يستطيع الواقع الافتراضي دمج خصائص مثل العناوين المنطوقة أو الاهتزازات لتسهيل التنقل الافتراضي.
التقنيات القابلة للارتداء
تساعد الأجهزة القابلة للارتداء على تحويل الإشعارات الصوتية إلى اهتزازات مفيدة للصم. كما يمكن للساعات الذكية قراءة الرسائل النصية بصوت واضح للذين يعانون من مشكلات بصرية.
إجراء تدقيق شامل
ابدأ بتقييم تطبيقاتك ومواقعك للتعرّف على المشكلات القائمة. استخدم أدوات فحص تلقائية مثل WAVE أو Axe، إلى جانب الاختبارات اليدوية. إشراك مستخدمين من ذوي الإعاقة في عملية الاختبار يوفّر ملاحظات دقيقة وعملية.
الالتزام بمعايير WCAG
توفر إرشادات WCAG إطارًا شاملًا لتصميم محتوى الويب بشكلٍ متوافق مع المعايير العالمية. يهدف معظم المطوّرين إلى تحقيق مستوى AA من هذه الإرشادات كحد أدنى، لضمان تلبية احتياجات الشريحة الأوسع.
إشراك المجتمع المعني
يعد الحوار والتعاون مع الأشخاص ذوي الإعاقة ومنظمات المجتمع المدني خطوةً مهمة. فهم أقدر الناس على تقييم فعالية الحلول المقترحة. كما يمكن إجراء ورش عمل مشتركة لاختبار مزايا واجهات المواقع أو التطبيقات.
توفير التدريب والموارد
يتطلب بناء ثقافة مؤسسية داعمة لسهولة الوصول في المواقع الإلكترونية تدريبًا مستمرًا للمطورين والمصممين وكتّاب المحتوى. يجب توفير أدلة إرشادية ووثائق داخلية توضح معايير سهولة الوصول وسياسات المؤسسة.
دمج النفاذ الرقمي مبكرًا في دورات التطوير
الانتظار حتى المراحل النهائية لتطبيق معايير النفاذ الرقمي يؤخر عملية الإنتاج ويزيد التكاليف. من الأفضل ”الانتقال إلى اليسار” في دورة التطوير، أي إدراج اختبارات النفاذ الرقمي منذ بداية التصميم.
المتابعة المستمرة والتحديثات
بمجرد إطلاق الموقع أو التطبيق، لا بد من إجراء مراجعات منتظمة وتحديثات تستجيب للتغييرات التقنية أو التغذية الراجعة من المستخدمين. قد تتغير معايير النفاذ الرقمي بمرور الوقت مما يتطلب مواكبة مستمرة.
النفاذ الرقمي للأشخاص ذوي الإعاقة لم تعد خيارًا ثانويًا في العصر الرقمي الحالي؛ إنها ضرورةٌ حضارية وأحد محاور التصميم الأساسية التي يجب مراعاتها منذ البداية. بتطبيق مبادئ التصميم الشامل، وتبنّي المعايير الدولية، يمكن للمؤسسات والشركات دعم المشاركة الكاملة لملايين الأفراد الذين يواجهون تحديات مختلفة.